العناوين
ما الفرق بين التفاوض والاقناع والمساومة؟
لمعرفة الفرق بين التفاوض والاقناع والمساومة يجب شرح المصطلحات الثلاثة والمقارنة بين تعاريفها. ثلاثة مصطلحات قد تبدو متشابهة، سأحاول شرحها بصورة موجزة:
أولاً: التفاوض
هو مهارة، يحتاجها جميع الناس. ويرتكز على عملية الحوار بين الأطراف المتنازعة على مصالح معينة، بهدف الوصول إلى اتفاق. ومن الأشخاص الذين يحتاجون التفاوض:
- المدراء الذين يتعاملون مع أشخاص من داخل منظمته وخارجها.
- المسؤولين في الدولة
- المسؤولين في الشركات والعاملين في القطاع الاقتصادي
- المستثمرون
- البائعين والمسوقين
- القانونيين في قضايا المحاكم والتحكيم
- السياسيين كذلك يتفاوضون على مستوى دولي
- المربين والمعلمين، لأن حتى التعامل مع الأطفال يحتاج مهارة التفاوض.
وهم جميعا يحتاجون للتفاوض على نحو متواصل ودائم، مثل المفاوضات على الأسعار وعلى عمليات البيع، والمفاوضات على الاستحواذ على الشركات وغيرها من المعاملات التي لا تتوقف.
مهارة التفاوض
ليكون الشخص ماهرا في التفاوض، يجب أن يمتلك القدرة على الحوار، ولا يقصد بالحوار تبادل أطراف الحديث، إنما هو حوار منهجي وله خطوات محددة، وعادة ما يكون بين طرفين أو أكثر، ولا يشترط أن ينتهي كل تفاوض بالاتفاق، رغم أنه الهدف الأساسي من التفاوض.
إن قلة خبرة الشخص في التفاوض تكلفه أحيانا ضريبة مرتفعة. مما يؤدي إلى خسارة المال لأمر لا يستحق هذا المال الذي تم دفعه، كما أن المشاعر والعواطف تعد سببا رئيسيا لعدم تكملة المفاوضات وبترها قبل انتهائها. والوصول إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف. فالحساسية والعصبية مشاعر إنسانية غير مرغوب بها خلال التفاوض.
طرق التفاوض
يبدأ التفاوض بتحديد مجاله، ومن ثم يمر التفاوض عادة في ثلاث مراحل أساسية هي مناورات البداية، ثم استراتيجيات الوسط، وأخيرا التحركات النهائية.
- في مناورات البداية أطلب أكثر مما تتوقع، ولا تقل “نعم” أبدا، أي لا توافق على العرض الأول والمقدم لك، ولا تتحمس فتتسرع في اتخاذ القرار الخاطئ.
- استراتيجيات الوسط تشمل التعامل مع صاحب القرار مباشرة، والضغط بأسلوب غير مباشر للوصول إلى ما ترغب به.
- تحركات النهاية تستلزم مراجعة الشروط الأساسية وعدم الوقوع في الفخ، ومحاولة القنص في اللحظة الأخيرة.
ثانيا: الإقناع
الحياة عبارة عن سلسلة مفاوضات تقوم بها مع الطرف الآخر. وأكثر من يستعمل الإقناع هم الأشخاص العاملون في عمليات البيع بكافة أصنافه، سواء كان بيعا لخدمات أو لمنتجات. وحتى الجمعيات الخيرية تحتاج لفن الإقناع لاستخدامه مع الجهات المتبرعة لها.
كذلك يحتاجه المدراء في تعاملهم مع موظفيهم، فهم يحتاجون لاستعمال هذا العلم، فلو استعملها المدير بطريقة سلبية، قد تعود عليه بنتيجة عكس التي يتوقعها.
أيضاً المعلمين و الأهل، يستخدمون الإقناع للتعامل مع أبنائهم، فالتربية فيها الكثير من الإقناع، كالإقناع بتغيير القناعات وتغيير التصرفات والسلوكيات، وبتغيير الاهتمامات والإقناع بتغيير القدوات وغيرها.
اقرأ عن طرق التعامل مع المدير صعب المراس
فن الاقناع
يستخدم فن الإقناع لتحديد أهداف محددة. إلا أنه في بعض الأحيان وللأسف الشديد، يتم استعمال الإقناع في أمور باطلة، وخاصة السياسيون بهدف خداع الجماهير والشعوب، لذا يجب فهمه من باب الوقاية وحتى لا نقع في الشر.
غالبا ما يستخدم الإقناع لاتخاذ القرارات، وتغيير القناعات، وتوجد كتب كثيرة تتحدث عن فن الإقناع، إلا أنها حقيقة أقرب إلى الوعظ من التعلم، ومن أهم العلماء الذين ألفوا وأصدروا كتبا في هذا المجال “روبرت سيالديني”.
طرق الإقناع
من الطرق المستعملة كثيرا في الإقناع طريقة التبادل، وخلاصتها أن تقوم بإعطاء الشخص هدية أو شيئا صغيرا، قبل أن تطلب منه ما تريد، لأن الناس تحب أن تكرم من يكرمها، وهو أمر ثابت إلى حد بعيد منذ الأزل.
كذلك من طرق الإقناع التخويف، وهو فعال في حال ربطه برسالة واضحة.
ولكي تقنع الشخص بفكرتك، عليك أن تطرح الموضوع من وجهة نظره هو. لذا يجب أن تمتلك أكبر قدر من المعلومات والتفاصيل والإثباتات. كذلك الحديث بإيجابية وتفاؤل، أي بذكر منافع استجابة الشخص واقتناعه بكلامك. وكلما حدثته عن الفوائد التي تعود عليه، كلما سهل إقناعه بفكرتك التي تطرحها عليه. أيضا يصبح الأشخاص أكثر قدرة على الاقتناع بما تقوله إذا قمت بطرح فكرة جديدة عليه، فيها إبداع واختلاف وتميز.
وبالتالي فإن الفرق بين التفاوض والاقناع أصبح واضحاً، وفيما يلي شرح المصطلح الأخير الثالث (المساومة)
ثالثا: المساومة
يخلط الناس بين التفاوض والمساومة. يعتقدون مخطئين أن لكلاهما نفس المعنى. قلنا سابقا أن التفاوض يهدف إلى الوصول إلى اتفاق، أو حل مشكلة، أو تسوية معينة مرضية لجميع الأطراف، أما المساومة، فهي تعدف إلى تعظيم المكاسب، ويطلق على هذا الاتصال “المساومة” .
ونحن مع الأسف الشديد، وبحسن نية منا، أو حتى بدون حسن نية، نقول أننا نتفاوض. ولكن حقيقة الأمر هو أننا نخوض المساومة بهدف تعظيم مكاسب الآخر على حسابنا الشخصي. وهو أمر في مقاومة، سواء شئنا أم أبينا، وهو أمر يحصل في الأسرة الواحدة وبين الأزواج وبين الآباء والأبناء، وبين الأصدقاء.
وعادة ما تشمل المساومة على تنازل مقابل اقتراح معين، أي أنها عملية مشروطة فيها طرف أقوى من الطرف الآخر، فيستغل حاجته وضعفه.
طرق المساومة
عادة ما تكون صيغة المساومة شبيهة بما يلي: “إذا وافقت أنت على كذا، سأعطيك أنا كذا”، أي أن هناك شرطاً ما يشترطه طرف على الآخر، ليقوم بتقديم أمر ما، فلا يكون التنازل بصورة مجانية.
إذا التفاوض يختلف عن المساومة بأن التفاوض يحقق الربح لكلا الطرفين. أما المساومة فهي علاقة نفعية بحتة، ويتم فيها تحقيق الفوز أو الربح لطرف على أساس خسارة الطرف الآخر. لذا ترى أن المساومة في حقيقة الأمر أمر لا أخلاقي نسبيا بمقارنته مع التفاوض، فهو أسلوب أقل قيمة واحتراما.
ومما يساعد المساوم على تحقيق المكاسب عادة، اندفاع الطرف الآخر وعدم تمتعه بالعقلانية، وكذلك العاطفية الزائدة عنده، كذلك أساليب الاتصال المشوشة وعدم الوضوح في ذكر بنود الاتفاق على المساومة تؤدي إلى موافقة الطرف الأضعف بطريقة أسرع وأسهل بالنسبة إلى من يساوم.
وقد تكون المساومة إحدى مراحل عملية التفاوض. بحيث يضطر أحد الطرفين لتقديم التنازلات. لذلك لو شعرت أن أحدا أوقع بك في موقف ما ويقوم بمساومتك، فلا تقبل أن يكون التنازل أحادي الجانب.
فإذا ما تنازلت أنت عن أمر ما، فعلى الطرف الآخر تقديم تنازل ما بالمقابل. لأن التنازلات عمليات تبادلية. كما يجب أن يكون تنازلكما تجاه بعضكما متساوٍ في القيمة. فلا تتنازل عن أمر ذو قيمة مرتفعة مقابل تنازل الطرف الآخر عن أمر ذو قيمة منخفضة.
إذا وباختصار المساومة فيها طرف فائز وطرف آخر خاسر، وهو عادة ما ينطوي على اهتمامات متعارضة، وهي عملية تنافسية شرسة، ترتكز على استخدام القوة تجاه الطرف الأضعف باستغلال حاجته ونقاط ضعفه.
اقرأ عن كيف تتعامل مع مدير يمارس الادارة التفصيلية